emad effat fb

قابلت الشيخ عماد من سنة بالضبط. يوماً بيوم.

لم يقل شيئا. فقط إبتسم.

لا أدري لم ذهبت إلى مشرحة القصر العيني الفرنساوي ليلتها.

لا أعلم لماذا أصررت أن أدخل الثلاجة.

نظرت للرجل النائم هناك. قد بدت في شفتاه زرقة بسيطة. إبتسم.

تنهنه شاب ضخم على كتف صديقه. صاح أحدهم “لا إله إلا الله، إنا له و إنا إليه راجعون”. مش “إنا لله”، “إنا له”. علقت في ذهني.

“إنا له”.

يعني إحنا بتوعه.

له كامل السلطان علينا. يخلقنا وقتما قدٌر و يقبضنا حينما شاء، سبحانه.

و يوم يضعنا على الأرض يعطينا واجب.مهمة.  إحنا مش هنا صدفة. إحنا لينا لزمة.

و انت يا شيخ عماد مهمتك كانت أنك تعلم تلاميذك، أنك تذكر كل من عرفوك أن الدين المعاملة و أن الإسلام أخلاق و ممارسة لا شعارات في كتاب، و أن الإسلام ثورة؛

و مهمتك الأخيرة كانت أنك تلهم بلد بحاله. شفت! بس كده!

من سنة بالضبط قابلت الشيخ عماد. مش لما رأيته مسجياً على ظهره مبتسما للسماء: و إنما حينما قابلت محبيه.

حين رأيت نظرت الجزع و التيه في عيون أشجعهم. حين رأيت الحب في وجوه وهمتها قاسية، و رأيت غضبأ لانهائياً ممن ظننتهم ضعفاء.

رأيتهم كادوا يفتكون بالمفتي اللي جاء وقال كلمتين خايبين غالبت فيهم المصلحة السياسية المبادئ فنضحت من كلماته. وقتها ثبتت زوجتك و ثبت أحبابك. جري المفتي خجلاً. إبتسمتُ. ظني أنك أيضا كنت ستبتسم.

يوم رأيت صديقي و تلميذك وليد، ممسكاً بيد زوجته كأنه يطمنئها أو يطمئن نفسه أو كلاهما، يحاول أن يتماسك و أن يقنع عقله أن موعد فراقك قد حان – لكن عقله أبى و رفض. رأيت رفضه فراقك في عيناه.

ساعتها قابلتك.

من يومها عرفنا أخلاقك و سمعنا حكاياتك. و تحسرنا. ليتك تعرف قد ايه تحسرنا.

سمعت أحدهم يقول أن المرء يموت مرتان. الأولى حين يتوقف قبضه عن النبض، و الثانية حين ينسى الناس إسمه.

ندعو الله أن يخلدك في السماء و قد حانت موتتك الأولى.

 أما عن الثانية، فوعد منا الا تأتي أبدا، و أن نخلد ذكراك و أن نعلم أولادنا اسمك.

أبكيك اليوم يا شيخ عماد و أنا أكتب هذه الكلمات. أبكيك اليوم كما بكوك منذ عام مضى.

أبكيك لأني حزنت أن فرق بيننا الثرى دون أن أسمع صوتك.

أبكيك لأن كمية التلوث البشري اللي بتتكلم، تصيح، تزبد، تجرح، تزور تسرق تحرق تقتل بإسم الإسلام كادت تنسينا حقيقته اللي انت درٌستها و مارستها حتى نهاية عمرك.

و أبكيك لأني أخاف، يا الهي كم أني خائف، أن نكون خنا تضحيتك و تقاعسنا عن رسالتك

رسالة أن الإسلام دين الحب و الثورة على الظلم

رسالة أن مصر تستحق أفضل من ذلك

رسالة أن تراب البلد أغلى من النفس

يا رب ما نكونش خناك يا شيخ عماد!

يا رب تسامحنا!

أرجوك، أرجوك سامحنا….

(الصورة الأولى منقولة من هنا، و الصور التالية لي.)

By | 2017-09-08T05:36:25+00:00 December 16th, 2012|Uncategorized|