عزيزي خالد علي.
سعدت بإنضمامك للسباق الرئاسي. و إن لم أحسم أمري فيمن سأعطيه صوتي أو لا لكني فخور أن الشرفاء من بلادنا مستعدون للوقوف أمام أعدائها من الداخل ممن يتدثرون بعباءة الشرف العسكري أو الدين أو الدبلوماسية.
لذلك وددت ان أشاطرك بعض النصائح – بدأوا بخمس و أمسوا عشر – التي أرى انها قد تفيدك في الشهور القادمة، قد لا تعجبك كلها لكني أمل أن تتقبلها بصدر رحب.
1. رئيس الجمهورية ليس ناشطاَ عماليا فقط.
المرشح (أو المرشحة) الذي نتمناه رئيسا هو ناشط بالنيابة عن العمال و المديرين، عن المدرسين و طلابهم، عن الموظفين و أصحاب الأعمال الحرة من النجار حتى الطبيب، عن العاملين وعن الأمهات بالمنازل، عن النساء و الرجال و الأطفال و المرضى و المعاقين و الأصحاء.
بالتالي لا يمكن أن تكون حقوق العمال هي المحور الأساسي لحواراتك الإعلامية، حتى لو كان ذلك هو موضع قوتك و خبرتك. من المهم كذلك على مساعديك و فريقك الإعلامي (سأعود لهذه النقطة بعد قليل) أن يؤكد على ذلك مع معدي البرامج التي تستضيفك – ينبغي الا يعرضوا لقطات طويلة من المرافعات القضائية العاطفية.
2. حقوق العمال لا تتعارض مع حقوق أصحاب العمل و مع تشجيع القطاع الخاص.
أنا واثق أنك تعرف هذا لكن من يسمعك لا يرى ذلك. على ذلك سيكون عليك أن تعمل على إيجاد سياسة إقتصادية تعمل على تشجيع جميع القطاعات لتحقيق النمو الإقتصادي.
لاحظ كذلك أن خصومك السياسيين بصفة عامة من أنصار القطاع الخاص – ينطبق ذلك على الأحزاب الإسلامية (و أكبر دليل على ذلك المناصب القيادية لرجال الأعمال كخيرت الشاطر و حسن مالك) – و على فلول مبارك ممن ورثوا حلفائه و سياساته الإقتصادية السليمة نظريا و المعيوبة تطبيقا.
لن يكون الأمر سهلا: فأنت من العقول القانونية وراء قضايا بطلان بيع بعض شركات القطاع العام، و يتشدق موقع حملتك الإلكتروني بكونك حصلت ” فى سنة 2010 على أول حكم بالحبس على رجل أعمال”. و مع ثقتي أن الأحكام السابق ذكرها عادلة و صحيحة إلا أنها مخيفة للمستثمرين (و أرجو ألا يجيب أحد أن “سيخاف المذنب فقط” فكلنا يعرف خوف المستثمرين). بالتالي فواجبك أن تسعى لطمأنة الجميع و إيضاح أنك لست في ملحمة كيخوتية ضد طواحين القطاع الخاص إنما تسعى لإحقاق الحق، و هو أمر لن يحتلف عليه الكثيرون.
3. بدون تعارض مع النقطتين السابقتين، تذكر موضع قوتك كمرشح من قلب الحركة الحقوقية النقابية و العمالية..
و لكن لاتجنح نحو الإطمئنان التام.
أزعم أن لا أحد من المرشحين الاخرين لديه قبول لدى التجمعات العمالية مثلك. لكن ذلك بعني في ذات الوقت أنه عليك الأ تهمل ما هو العمق التقليدي لحملتك على فرض أن الصوت العمالي مضمون بشكل أو بآخر. نتائج الإنتخابات البرلمانية الأخيرة اوضحت لنا أن الأحزاب الإسلامية لها عمق أحسبه غير متوقع في المدن الصناعية. على ذلك فإن عملك في هذه المدن لم ينته.
4. أنت مجهول.
ليس كل الشعب من المترددين على 1 شارع سوق التوفيقية. زرت هذه البناية مرارا في زيارات لمكتب هشام مبارك الحقوقي و لمكتبك في المركز المصرى للحقوق الاجتماعية والاقتصادية ، كباحث أو صحفي أو غير ذلك، و إعتبرت هذا العنوان هو بقعة عزيزة من الأرض المحررة من غوغاء الفساد أو البطش الحكومي. أو هو كالسفارات، جزيرة على اليابس شائت القواعد الأ تخضع لنفس قوانين الأرض المحيطة بها.
لكنك يا سيدي ما زلت مجهولا بالنسبة للعديدين، و الحق أن معظم الشعب لم يسمع بك قبل الإسبوع الماضي. بعضهم لم يسمع بك بعد.
و هذه تذكرة لنا جميعا أن من العظماء من لا يطمح في الشهرة، لكنها كذلك تذكرة لك أن خصومك لهم رصيد إعلامي و تلفزيوني طال لسنوات.
على ذلك فلا مفر من أن تقضي أكبر وقت ممكن في تعظيم تواجدك الإعلامي. قد لا يبدو لك ذلك بنفس أهمية لقاء الناس شخصيا لكن صدقني هو كذلك. ليس في العالم الآن وسيلة أسرع من الإعلام لكي تصل إلى الناخبين، و معها قضيت من وقت في لقاءات مع الناس في جميع المحافظات فلن تصل ل1% من الناخبين، خاصة مع ضيق الوقت حتى الإنتخابات.
اسع أن تتواجد في كل مكان و على كل القنوات و كل الصحف. خاصة في القنوات و الصحف التي قد لا يتفق إتجاهها و بالتالي إتجاه قرائها مع أفكارك.
5. إنتق فريق عمل خبير و يمثل المصريين جميعا.
في الشهرين الماضيين إلتف حولك العديدين منهم من أشرف أن أحسبهم أصدقائي.
صحيح أن فريق العمل الرئاسي لا بد أن يكون فريق على قدر كبير من التجانس في العمل لكن عليه كذلك أن يضم أراء و افكار من خارج إطار عملك الطبيعي. لا بد أن يحوى فريقك النشطاء و البيروقراطيين و الإسلاميين و الشباب من جميع الوظائف و التخصصات. إنتق الأفضل. و بسرعة.
انظر في ذلك لمن سبقوك من الشرفاء.ففي فرق عمل البرادعي و أيمن نور مثلاَ العديدين ممن يمكنك أن تمد يدك لهم. يتبع ذلك أنك لا تستطيع أن تكتفي بمن يتطوعون للإنضمام لحملتك إنما عليك أن تضيف إلى متطوعيك المستشارين و المساعدين من خارج إطار المتطوعين و الذين لديهم الخبرة في المجالات المختلفة.
و لذلك أثر جانبي إيجابي اخر و هو أن من يحمل رؤية مخالفة لرؤيتك يمكنه أن يرى وجهات نظر مخالفة و أن يمنحك نقد بناء من منطلقات لم تفكر بها قبلا. كذلك من ينضم لفريقك من خلفية مغايرة لمعظم الفريق سيكون له علاقات في مجتمعات ليس لك فيها العديد من المداخل (كرجال الأعمال مثلا).
6. لا تهمل أطراف البلاد.
لأهل النوبة و سيناء حق علينا كقاطني وسط البلاد ألا نهمل إحتياجاتهم و طلباتهم. لقد آن الأوان لهذا البلد أن يؤمن بمبدأ المواطنة الحقيقية – أن لكلنا حقوق يجب ان تحترم و طلبات يجب أن تجاب.
شخصيا أعتقد أن إعطاء سكان مصر جميعا حقوقهم يستحق أن يكون هو قلب سياستك الإنتخابية و الرئاسية فيما بعد.
7. لا تضع وقت الشعب فيما لا يهمنا.
حياتنا لا تدور حول موعد الدستور. السواد الأعظم من الشعب لم يقرأ دستور 1971 و لن يقرأ الدستور الجديد.
فلتكن إهتماماتك هي ما يهم الناس حقا. أنابيب البوتاجاز. الرعاية الصحية. سعر السماد الكيماوي. إرتفاع الجريمة في المدن الجديدة. المواصلات العامة. الثروة السمكية في البحيرات الشمالية. السائحين الذين لم يرجعوا و ليست لدينا خطة لإرجاعهم بعد.
فكر في هذه الأمور يا خالد و تحدث عنها. إعمل مع الخبراء في مجالاتهم المختلفة و أوجد حلول و إعرضها على الشعب. اثبت للمصريين جميعا أن إهتماماتنا هي إهتماماتك و أنك تسعى حقا لحل مشاكلنا، لا للدخول في حلبة سياسية معظمنا لا يفهم مفرداتها و لا يهمه أن يفهمها.
8. شعار حملتك هو “هنحقق حلمنا”. جميل. ما هو هذا الحلم؟
لا بد أن يكون لديك خطة دعائية و تواصلية كاملة تتمحور حول بضع نقاط أساسية يرتبط بها الناخبون. لا ينبغي أن يكون الحلم لا منطقيا. أجمل الأحلام هي تلك التي ليست بعيدة عن الحقيقة كل البعد فتثبط عزمك، و ليست مفرطة الواقعية المتشائمة فتحبطك. فليكم حلمنا هذا أسطوريا لكنه ممكنا.
لا تكتف بأن تخبرنا عن حلمك، بل وضح لنا الخطة لتحقيق هذا الحلم. و عندما تفعل ذلك فلتكن خطواتك واضحة. كفانا إقتراحات مبهمة من قبيل “رفع مستوى المعيشة” أو “التخلص من المعونة الأجنبية”. إشركنا في خطوات تفكيرك و الأهم، إشركنا في التنفيذ. فليكن خطابك جامعا و يحث الناس على الإشتراك فيه و العمل معا على تحقيقه، كل على قدر طاقته. هذه المشاركة ستكون مقتاح إلتفاف الناس حولك.
9. لا مانع من أن تلتقى خبراء في إلقاء الخطاب.
لا ضير من ذلك، و قد سبقك في ذلك العديد من الشرفاء. قارن مثلا خطب البرادعي قبل و بعد منتصف 2011 – شتان الفارق في الثبات و إستخدام الألفاظ. ألم تلحظ أنه بدأ فجأة يخاطب المذيعين بإسمهم الأول ليخلق جو من المودة في الحوار؟ هذا يا صديقي من عمل خبراء الدعاية و الخطاب.
ما بين دبلوماسي مفوه له باع سنوات في الدفاع بحنكة لا يسعنا إلا أن نقدرها عن سياسات ضعيفة و شيخ أضاع ساعات من وقت الناس ما بين داعيا و كاذبا، فإن لك يا سيدي بعض التأخير عن خصومك في هذا المجال .
10. إلبس كرافتة.
مش حبا في الكرافتات. لكن – يتبع ما تحدثت عنه في نقطة سابقة – لا بد لك أن تظهر بمظهر معين. صغر سنك في هذة الحالة لا يخدمك إلا جزئيا، مع قطاع الشباب على الأخص. لكن لدى العديدين فكرة مسبقة عما هو “المظهر الرئاسي” – و لعلماء الإجتماع في كل مكان دراسات مطولة عن ذلك لكن ببساطة فأننا نفترض أن رئيس الجمهورية من فئة عمرية معينة، و يلبس و يتحدث بطريقة معينة، يبدو جادا و يبتسم قليلا. و شاب يلبس كما يلبس في مكتبه الخاص أو كما في الصفحة الرئيسية لموقعك الإلكتروني، ذلك ليس بمظهر رئاسيا. أعرف أن ذلك يبدو لك سخيفا،لكنه للأسف حقيقي: الناخبون يختارون في أحيانا عديدة على حسب المظهر (ألم تر كيف نجحت الأحزاب الإسلامية؟). القاعدة ببساطة كالتالي: لازم تكون لابس أحسن من مقدم البرنامج الذي يستضيفك. اقترح البدل ذات الألوان الداكنة. هاتليق عليك.
مين عارف، شكلي هانتخبك يا سيادة المرشح.